اضطراب الشخصية الحدي هو نوع من أنواع اضطراب الشخصية والذي من أبرز أعراضه وملامحه وجود اندفاعية مميّزة وعدم اتّزان في التعبير عن المشاعر وفي العلاقات مع الأشخاص وفي صورة الذات.
اضطراب الشخصية الحدي |
يكون هذا الاضطراب موجوداً في مراحل المراهقة، ويمكن أن يظهر عرضةً حسب الموقف ، ومن الأعراض الأخرى لهذا الاضطراب الخوف من الهجران والتهميش، وحدوث نوبات شديدة من الغضب والتهيجية، الأمر الذي يكون من الصعب فهمه بالنسبة للآخرين .
- وبما أن هذا الاضطراب يتميز بطول الأمد وبقابليته للانتشار وللتغلغل، فإنه غالباً ما يوجد ممانعة من قبل المصابين بهذا الاضطراب لتشخيص النفسية، وخاصة في المراحل الأولى من المراهقة أو البلوغ المبكر .
- ومن الممكن أن تزداد أعراض هذا الاضطراب سوءاً في حال عدم حدوث علاج مبكر لها .
أسباب اضطراب الشخصية الحدي
كما هو الحال في العديد من الاضطرابات النفسية فإن أسباب اضطراب الشخصية الحدي معقدة، ولا يوجد اتفاق كلي عليها .
- تشير الدلائل إلى وجود اشتراك بين اضطراب الشخصيّة الحدّي (BPD) واضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD) إلى حدّ ما .
- ويجمع معظم الباحثين على أنّ وجود صدمة نفسية في تاريخ طفولة المصاب يمكن أن يكون عاملاً مساهماً في ذلك، وذلك دون إغفال التحقيق في الأسباب الأخرى .
ومن الأسباب الأخرى ما يلي : -
- وجود حالات تشوه في وظائف الدماغ المعرفية .
- انتقال الاضطراب وراثيّاً في الجينات .
- تأثير عوامل عصبية حيوية .
- تأثيرات البيئة المحيطة .
- العوامل الاجتماعية وتتضمن كيفية تصرف الشخص في مراحل نموه الأولى مع عائلته وأصدقائه ومع الأطفال الآخرين .
- العوامل النفسية فتشمل الشخصية الفردية والمزاج وتأثير البيئة المحيطة في ذلك، بالإضافة إلى كيفية تعلم مهارات التأقلم مع الكروب .
- كما إن هناك عوامل متعددة تؤدي إلى حدوث اضطراب الشخصية الحدي، يمكن أن تأتي مجتمعة أو منفردة .
أعراض وعلامات اضطراب الشخصية الحدي
تتضمن أعراض اضطراب الشخصية الحدي ما يلي : -
- مشاعر خارجة عن السيطرة .
- علاقات غير متوازنة مع الأشخاص .
- قلق ينتاب الشخص بتخلي الناس عنه وهجرانه .
- سلوك مؤذي للذات .
- اندفاعية .
- الاكتئاب أو القلق أو الغضب .
- الخوف من الهجران والتهميش، وحدوث نوبات شديدة من الغضب والتهيجية .
ومن أكثر أعراض اضطراب الشخصية الحدي تميزاً هي الحساسية تجاه الرفض الاجتماعي، والأفكار والمخاوف أن يُلفظ ذاك الشخص من المجتمع ، ويمكن أن يتعدى الأمر إلى حدوث اضطراب في مفهوم الهوية والقيم الذاتية، بحيث يمكن أن ترد أفكار جنون الارتياب عندما يشعر بالتوتر، بالإضافة إلى شعور بالتفارق .
مشاعر الشخصية الحدي
يشعر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدّي بالمشاعر النفسيّة بشكل أسهل وأعمق ولمدة أطول من الآخرين ، ويمكن للمشاعر أن تظهر على السطح بشكل متكرّر، وأن تستمرّ لفترة طويلة .
كما إن حساسية وشدة ومدة الإحساس بالمشاعر لدى الناس المصابين بالاضطراب يترك آثاراً إيجابيّة وسلبية في نفس الوقت، فهم غالباً ما يكونون مثاليين ومفعمين بالسعادة والحب في حالة المشاعر الإيجابية ، ولكنّهم بالمقابل يشعرون بطغيان المشاعر السلبية عند الأسى، فهم يشعرون بالفجع الشديد بدل الحزن، وبالخزي والإذلال بدل الحرج، وبالغضب بدل الانزعاج، وبالفزع بدل القلق .
- وغالباً ما يكون المصابون بهذا الاضطراب حساسين تجاه المشاعر المرافقة للرفض أو العزلة أو الفشل .
- في حال عدم وجود بوادر للتأقلم، فإنّ محاولات هؤلاء الأشخاص للتحكم أو الهرب من المشاعر السلبية قد تودي بهم في نهاية المطاف إلى إيذاء الذات أو الانتحار.
يكون الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدي عرضة بشكل خاص لحالة الانزعاج، أو للشعور بحالة من المعاناة الذهنية والعاطفية .
- قامت مجموعة بحث زاناريني بتمييز أربعة أصناف من حالة الانزعاج، والتي تكون نمطية ومرافقة لمرضى اضطراب الشخصية الحدي وهي : -
- المشاعر الجامحة .
- التدمير أوالتدمير الذاتي .
- الشعور بالتجزئة أو بنقص الهوية .
- الشعور بالتضحية .
- وضمن هذه التصنيفات يترافق تشخيص الحالة بشكل كبير مع مزيج من ثلاث حالات محددة وهي : -
- الشعور بالخيانة .
- الشعور بالأذى النفسي .
- الشعور بالوجود في حالة خارجة عن السيطرة .
- و بما أن هناك تنوّعاً كبيراً في أنماط حالات الانزعاج المصادفة لدى مرضى هذا الاضطراب، فإن مقدار المعاناة يعد مؤشراً مهماً على وجود اضطراب الشخصية الحدي .
سلوك الشخصية الحدية
يشيع السلوك الاندفاعي عند مرضى اضطراب الشخصية الحدي، بما في ذلك تعاطي مواد الإدمان أو معاقرة الكحول أو اضطرابات الأكل أو التهور في القيادة أو تبذير النقود .
- كما يمكن أن يصدر عن المصاب باضطراب الشخصية الحدي سلوكاً اندفاعياً يتمثل بهجر العمل أو العلاقات أو بالهرب .
- يتصرف المصابون بهذا الاضطراب باندفاعية، لأنها تمنحهم شعوراً بالارتياح الفوري من آلامهم الانفعالية ، وذلك دون التفكير بالعواقب على المدى الطويل، والتي ستزيد من معاناتهم بالشعور بالخزي والندم جراء تلك الأفعال .
ويصبح الأمر في النهاية حلقة مفرغة تبدأ بشعور مرضى هذا الاضطراب بألم انفعالي، ينتج عنه سلوك اندفاعي للتخلص من ذلك الألم، ثم الشعور بالندم على ذلك السلوك، مما ينجم عنه رغبة أقوى من ذي قبل بالتخلص من ذلك الألم الانفعالي، وهكذا دواليك ، ومع مرور الوقت، يصبح السلوك الاندفاعي رد فعل آلي تجاه الألم الانفعالي .
إيذاء النفس والانتحار
يكون إيذاء النفس أو السلوك المؤدي للانتحار أحد شروط التشخيص الرئيسية لاضطراب الشخصية الحدي في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية .
العلاقات مع الأشخاص
- يمكن للأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدي أن يكونوا حساسين جداً لكيفية تعامل الآخرين معهم، حيث يشعرون بفرحة غامرة وبامتنان عند فهم التعبيرات اللطيفة من الأشخاص المحيطين، في حين أنهم يشعرون بحزن شديد أو بغضب عند فهم تعابير الانتقاد أو الإيذاء .
- على الرغم من الرغبة الداخلية للمصابين بهذه الحالة في إنشاء علاقات حميمة، إلا أنهم يخشون في المقابل من التعلق بشخص في العلاقة معه، ويقومون بعلاقات عابرة مع الأشخاص .
- إن وجود التلاعب للحصول على الرعاية من الآخرين هو خاصية مميزة لاضطراب الشخصية الحدي .
الشعور بالذات
يعاني المصابون باضطراب الشخصية الحدي من مشاكل في تكوين صورة واضحة عن شخصيتهم وهويّتهم، فهم يميلون على وجه الخصوص إلى مواجهة مشاكل مع أنفسهم لمعرفة ما الشيء الذي يقيّمونه أو الذي يؤمنون به أو يفضلونه أو يستمتعون به، كما يكونون غير واثقين من أهدافهم بعيدة الأمد، وذلك فيما يتعلق بالعلاقات والعمل ، وهذه الصعوبة التي تواجه هؤلاء المرضى بمعرفة ذواتهم وقيمتهم يمكن أن تسبب لهم شعوراً بالفراغ أو الضياع .
تشخيص اضطراب الشخصية الحدي
يجب أن يعتمد تشخيص اضطراب الشخصية الحدي على فحص نفسي من قبل أخصائي مؤهل . ومن أحسن الطرق التي يعتمدها الأخصائي في التشخيص هي بتقديم شروط حدوث الاضطراب للمرضى وسؤالهم إن كانوا يشعرون أن تلك الخصائص تصف حالتهم بدقة .
الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية
ينص الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية على توفر من 5 الى 9 شروط كي يتم تشخص المريض باضطراب الشخصية الحدي وهي : -
- علاقات شخصية متقلبة وانفعالية .
- الاندفاع والتهوّر في السلوك .
- عدم الاستقرار الوجداني .
- الغضب .
- سلوك انتحاري أو تشويه بالذات .
- اضطراب الهوية .
- الشعور بالفراغ .
- الخوف من تخلي أو هجرة الآخرين .
- هفوات في تفحص الحقيقة .
التصنيف الدولي للأمراض
عرّفت المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض الصادر عن منظمة الصحة العالميّة اضطراباً، والذي هو من حيث المبدأ مشابه لاضطراب الشخصيّة الحدّي، وأعطته الرمز F60.3 وأسمته اضطراب الشخصية غير المستقرّة عاطفياً .- ويوجد نمطين فرعيين من ذلك الاضطراب وهما : -
- النمط الاندفاعي F60.30 .
- النمط الحدّي F60.31 .
النمط الاندفاعي F60.30
كي يشخص أحد ما أنه من النمط الاندفاعي، يجب عليه أن يحقق ثلاثة شروط على الأقل، واحد منها يجب أن يكون الشرط 2، وهي كما يلي : -
- ميل واضح لأن يتصرف بشكل غير متوقع وبدون تفكير متعقل بالنتائج .
- ميل واضح لأن يقوم بسلوك مشاكس، وأن تكون لديه نزاعات مع الآخرين، خاصّة عندما تعارض أو تنتقد الأفعال الاندفاعية .
- وجود حالة من التقلقل وعدم الحصانة من حدوث نوبات من الغضب أو العنف، مع عدم المقدرة على التحكّم في الانفجارات السلوكية الناتجة .
- صعوبة في المداومة على أداء أيّ فعل لا يحصل في نهايته على نتيجة فورية .مزاج غير مستقر ومتقلب (اندفاعي ومتلون) .
النمط الحدي F60.31
كي يشخص أحد ما أنه من النمط الحدي، يجب عليه أن تتوافر فيه ثلاثة أعراض على الأقل من المذكورة في النمط الاندفاعي F60.30، بالإضافة إلى تحقيق اثنين على الأقل من الشروط التالية : -
- وجود شك واضطرابات في صورة الذات، وفي الأهداف وفي الرغبات الداخلية .
- حالة من التقلقل وعدم الحصانة من الانخراط في علاقات شديدة وغير مستقرة، والتي تؤدي غالباً إلى أزمة عاطفية .
- محاولات حثيثة من أجل تجنب الهجران .
- تهديدات أو أفعال متكرّرة بإيذاء النفس .
- أحاسيس مزمنة بالفراغ الذاتي .
- إظهار سلوك اندفاعي مثل التهور في القيادة أو الإدمان.
أنماط فرعية حسب تصنيف ميلون
قام عالم النفس ثيودور ميلون باقتراح أربعة أنماط من اضطراب الشخصية الحدي، بحيث أنه عند تشخيص أحد ما أن لديه اضطراب الشخصية الحدي فمن الممكن أن يكون لديه واحدة أو أكثر، أو قد لا يكون لديه صفات من الأمور التالية : -
- القانط : بما في ذلك صفات الاجتنابي ، ويتصف بأنة مطواع ، خاضع، وفي، متواضع ، سريع التأثر مع شعور دائم بالخطر ، يائس، محبط، عاجز .
- النزق : بما في ذلك صفات السلبي العدواني ، ويتصف بأنة سلبي عدواني، عجول، ضجر، عنيد، متحدي، متجهّم، متشائم، ممتعض ، سهل الاستخفاف والخذلان به .
- الاندفاعي : بما في ذلك صفات التمثيلي أو المعادي للمجتمع ، ويتصف بأنة متلون ، سطحي، طائش، قابل للتشتت، محموم، إغوائي ، يخشى الخسارة، سهل الإثارة والاكتئاب والتهيج، يمكن أن تكون لديه قابلية الانتحار .
- المدمر لذاته : بما في ذلك صفات الاكتئابي ، ويتصف بأنة منطوي داخلياً، غاضب بشكل لائم للذات ، ملتزم، مزاجي .
التشخيص التفريقي والمراضة المشتركة
إن حالات المراضة المشتركة الدائمة أمر شائع في اضطراب الشخصية الحدي ، مقارنة مع الأفراد الآخرين المشخصين باضطرابات شخصية أخرى غير هذا الاضطراب، فإن الناس المصابين باضطراب الشخصية الحدي يظهرون معدلاً مرتفعاً من التشارك في شروط تلك الاضطرابات الأخرى ومنها ما يلي : -
- اضطرابات المزاج بما في ذلك الاضطراب الاكتئابي الرئيسي والاضطراب ذو الاتجاهين .
- اضطرابات القلق بما فيها اضطراب الهلع واضطراب القلق الاجتماعي واضطراب الكرب التالي للصدمة .
- اضطرابات الشخصية الأخرى .
- معاقرة المواد .
- اضطرابات الأكل، بما فيها القهم العصبي والنهام العصبي .
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط .
- اضطرابات جسدية الشكل .
- اضطرابات تفارقية .
علاج اضطراب الشخصية الحدي
إن العلاج النفسي هو العلاج الرئيسي لاضطراب الشخصية الحدي ، وينبغي للعلاج أن ينبني على الحاجات الفردية للأشخاص، أكثر من مجرد التشخيص العام للاضطراب .
- إن الأدوية مفيدة لعلاج الاضطرابات ذات المراضة المشتركة، مثل الاكتئاب والقلق .
- وقد جد أن الاستشفاء قصير الأمد ليس أكثر فعالية بالمقارنة مع الرعاية الاجتماعيّة طويلة الأمد التي تشمل المنع طويل الأمد من السلوك الانتحاري .
العلاج النفسي
إن العلاج النفسي طويل الأمد هو حالياً العلاج الأمثل لاضطراب الشخصية الحدي ، وهناك ستة أنواع علاجية متوفرة لاضطراب الشخصية الحدي وهي : -
- علاج نفسي تفكيكي ديناميكي .
- المعالجة المعتمدة على التعقل .
- علاج نفسي مركز على التحويل .
- علاج سلوكي جدلي .
- إدارة العلاج النفسي العامة .
- علاج مركز على التخطيط .
العلاج بالأدوية
تستخدم بعض الأدوية للتخفيف من أعراض اضطراب الشخصية الحدي ومنها : -
- هالوبيريدول : وهو يخفف من الغضب .
- فلوبينتكسول : يمكن أن يخفف احتمالية حدوث حالة انتحار .
- أريبيبرازول : يمكن أن يخفف من المشاكل مع الأشخاص المحيطين ، ويحد من الاندفاعية ومن الغضب ومن الأعراض الزورانية الذهانية، والاكتئاب، والقلق والاضطرابات النفسية العامة .
- أولانزابين : وهو يخفف من شعور عدم الاستقرار والغضب .
- لاموتريجين : يمكن أن يخفف من الاندفاعية والغضب.
- توبيرامات : يمكن له أن يقلل من المشاكل في العلاقات مع الأشخاص ومن الاندفاعية والقلق والغضب والاضطرابات النفسية العامة .
- أميتربتيلين : يمكن له أن يخفّف من الاكتئاب .