الأوهام هي اضطراب عام في التفكير ويتسم باعتقاد ثابت خاطئ لايتزعزع حتى لو اعتقد الاخرون من حوله خلاف ذلك أو برزت له أدلة دامغة تنفي ذلك ، و هو اعتقاد راسخ في نفس المريض، ويتصف هذا الاعتقاد بأنه زائف أو خيالي أو مبني على الخداع.
الأوهام |
يتم تعريف الوهم في عالم الطب النفسي بأنه اعتقاد مرضي (ينتج عن مرض أو عن أحداث مرضية)، ويستمر المريض في تمسكه بوهمه على الرغم من وجود الدلائل التي تثبت له عكس ما يتوهمه . أما في علم الأمراض، فيتم التمييز بين الوهم وبين الاعتقاد المبني على أساس من الزيف أو المعلومات غير الكاملة أو العقيدة المتزمتة أو الغباء أو الإدراك الشعوري أو الانخداع أو غيرها من الآثار التي تنبع من الإدراك الحسي .
تعريف الوهم
الوهم هو معتقد زائف مبني على استدلال غير صحيح عن حقيقة خارجية يتمسك به الشخص بكل قوة على الرغم من أن ذلك يتنافي مع معتقدات كل من حوله تقريباً ، وعلى الرغم من وجود إثبات أو دليل واضح ولا يقبل الجدل على عكس ما يعتقده هذا الشخص ، ولا يكون هذا المعتقد مقبولاً بشكل عادي من قبل الأفراد الآخرين الذين يشاركون هذا الشخص الثقافة أو الثقافة الفرعية التي ينتمي إليها .
- عندما يتعلق معتقداً زائفاً بحكم شخصي، يمكن أن ننظر إليه باعتباره وهماً عندما يكون مفرطاً في تطرفه إلى درجة تجعله يتحدى المصداقية .
- ولأن القناعات الوهمية تتم في صورة سلسلة متصلة، فإنه يمكن الاستدلال على وجودها من سلوك الفرد الذي يكرره مرات عديدة.
ويمكن الخلط بين الوهم والفكرة المبالغ فيها ، وتنطوي الأفكار المبالغ فيها على فكرة أن للفرد معتقداً أو فكرة غير عقلانية، ولكن الفرد في هذه الحالة لا يكون متمسكاً بأفكاره المبالغ فيها بالقوة نفسها التي يكون عليها تمسكه بالوهم إذا سيطر عليه .
- لا يصاب الفرد بالوهم بسبب حالة طبية أو سوء استخدامه لأحد المواد، وقد تبدو هذه الأوهام قابلة للتصديق في معناها الظاهري .
- عادةً ما يبدو مرضى الأوهام في حالة طبيعية طالما لم يقم الآخرون بالمساس بأفكارهم الوهمية .
- ولا ترتبط الأوهام بنوع معين من الأمراض وعادةً ما تحدث في سياق الإصابة بأحد الأمراض العصبية أو النفسية .
- كذلك تم اكتشاف أن الأوهام يمكن أن تصيب الشخص في سياق العديد من الحالات المرضية .
أنواع الأوهام
تم تصنيف التوهم (الأوهام) الى أربع مجموعات مختلفة وهي كما يلي : -
- الوهم الغريب : هو الوهم الذي يتسم بالغرابة الشديدة وعدم القابلية للتصديق تماماً ، ومن أمثلة التوهم الغريب أن يعتقد الشخص المصاب بالوهم أن غزاة من الفضاء نزعوا مخه .
- الوهم غير الغريب : وهو الوهم الذي يكون مضمونه مغلوطًا تماماً ، ولكنه محتمل الحدوث على أقل تقدير ، ومن أمثلة هذا النوع من الأوهام أن يعتقد الشخص الذي يعاني من الوهم بشكل مغلوط أنه تحت مراقبة الشرطة باستمرار .
- الوهم المتوافق مع المزاج : هو أي نوع من الأوهام التي يكون مضمونها متوافقاً مع حالة الاكتئاب أو الهوس التي يعاني منها المريض ، ومن أمثلة هذا النوع من الأوهام أن يعتقد الشخص المصاب بالاكتئاب أن مقدمي البرامج الإخبارية على شاشة التليفزيون ينتقدونه بشدة، أو أن يعتقد الشخص المصاب بحالة الهوس في قدرته وعظمته المطلقة التي لا يضاهيه فيها أحد .
- الوهم حيادي المزاج : هو وهم لا يرتبط بالحالة العاطفية أو المزاجية للشخص الذي يعاني من الوهم ، ومن أمثلة هذا النوع من الأوهام أن يعتقد المريض بالوهم أن طرفاً إضافياً ينبت من مؤخرة رأسه ، وهو وهم ذو علاقة محايدة بالاكتئاب أو الهوس .
الأفكار المرتبطة بالوهم
- عادةً ما تفصح الأوهام عن وجودها في إطار فكرة واحدة تتسم أجزائها بالتناغم مع بعضها البعض .
- وعلى الرغم من أن الأوهام لا تقتصر على فكرة معينة، فإن بعض الأفكار تكون أكثر شيوعاً من غيرها لدى مرضى الوهم .
وتعتبر أكثر الأفكار المرتبطة بالوهم شيوعاً هي ما يلي : -
وهم السيطرة : وهو معتقد زائف بأن شخصاً آخر أو مجموعة من الناس أو قوة خارجية تسيطر على أفكار الشخص المصاب بالوهم أو مشاعره أو دوافعه أو سلوكه ، فعلى سبيل المثال يمكن أن نجد أحد الأشخاص المصابين بالوهم يصف تجربة مر بها حيث أجبرته مخلوقات فضائية على التحرك بطريقة معينة وأنه لم يستطع أن يسيطر على حركات جسده ، كذلك يوجد وهم إذاعة الأفكار (وفيه يعتقد الشخص المصاب بالوهم بشكل زائف أنه يتم سماع أفكاره بصوت عالي) .
وهناك صور أخرى لوهم السيطرة، منها وهم إقحام الأفكار داخل الرأس ووهم سحب الأفكار من الرأس (وفيهما يعتقد الشخص المصاب بالوهم أن قوة خارجية أو شخص أو مجموعة من الناس تقوم بإزالة أو استخراج أفكاره من داخل رأسه) .
وهم العدمية : وهو الوهم الذي يكون المحور الأساسي لفكرته هو إحساس الشخص المصاب بالوهم بعدم وجوده أو بعدم وجود أجزاء من جسمه أو عدم وجود الآخرين أو العالم من حوله ، وقد يعتقد الشخص المصاب بهذا النوع من الأوهام بشكل مضلل أن العالم في سبيله للفناء .
الغيرة الوهمية (أو وهم الخيانة) : يعتقد الشخص الذي يعاني من هذا النوع من الأوهام بشكل خاطئ أن شريك حياته أو من يحبه يخونه مع شخص آخر ، وينشأ هذا الوهم عن الغيرة المرضية ، وعادةً ما يقوم الشخص المصاب به بجمع الأدلة ومواجهة شريك حياته عن هذه الخيانة المزعومة .
وهم الشعور بالذنب أو الإثم (أو وهم اتهام الذات) : يشعر الشخص المصاب بالوهم بشكل زائف بالندم أو بالذنب إلى درجة تسيطر فيها عليه هذه المشاعر وتتمكن منه حتى تصيراً وهماً مرضياً ، فعلى سبيل المثال قد يعتقد الشخص المصاب بهذا النوع من الأوهام أنه قد قام بارتكاب جريمة فظيعة وينبغي تطبيق أقسى عقاب عليه ، ومن الأمثلة الأخرى على هذا النوع من الأوهام أن يقتنع الشخص المريض بالوهم بأنه مسئولاً عن حدوث إحدى الكوارث (مثلاً، حريق أو فيضان أو زلزال) التي لا يمكن أن تكون له أية صلة بها .
وهم قراءة الأفكار : وهو اعتقاد زائف من الشخص المصاب بالوهم بأن الآخرين يمكنهم معرفة ما يدور في عقله من أفكار ، ويختلف هذا النوع من الأوهام عن وهم إذاعة الأفكار في أن الشخص المصاب به لا يعتقد أن أفكاره تتم إذاعتها على الملأ بصوت عالي .
وهم الإشارة (الإحالة) : يعتقد الشخص الذي يعاني من هذا النوع من الأوهام بشكل زائف أن بعض الإشارات أو الأحداث أو الأشياء غير المهمة الموجودة في البيئة المحيطة به تحمل في طياتها معنى أو مدلول يتصل بشخصه ، فعلى سبيل المثال قد يعتقد أحد الأشخاص أن عناوين الصحف تحمل بين السطور رسائل خاصة هو المقصود بها .
وهم الهوس بالعشق : وهو الوهم الذي يجعل من يصاب به يعتقد أن شخصاً آخر يعشقه ، ويعتقد المصابون بهذا النوع من الأوهام أن الطرف الآخر الذي يتوهمون عشقه لهم هو من بدأ بالتصريح بمشاعره تجاههم ، ويتم ذلك عادةً )من وجهة نظر المصاب بالوهم ( عن طريق إيماءات خاصة أو إشارات أو التخاطر أو استخدام وسائل الإعلام في إرسال الرسائل إليهم .
وهم العظمة : ويعتقد المصاب بهذا الوهم أنه يتمتع بقوى أو مواهب أو قدرات خاصة تميزه عن سائر البشر ، وفي بعض الأحيان قد يعتقد الفرد فعلياً أنه شخص مشهور أو شخصية عامة (كأن يكون نجماً من نجوم موسيقى الروك) ، والفكرة الأكثر شيوعاً بين الأشخاص المصابين بهذا النوع من الوهم، أن يعتقد الشخص أنه قد حقق إنجازاً عظيماً لم يتلق ما يستحقه من الثناء والتقدير عليه (مثل اكتشاف نظرية علمية جديدة) ، وعادةً ما يعتقد هذا الشخص أنه قد قام بإزاحة الستار عن حقيقة واضحة لم تتمكن البشرية على مدار تاريخها الطويل من اكتشافها .
وهم الاضطهاد : ويعتبر هذا النوع من الأوهام هو الأكثر شيوعاً ، وهو يتعلق بفكرة شعور المريض بأن هناك من يتعقبه أو يضايقه أو يخدعه أو يريد التخلص منه بالسم أو العقاقير أو يتآمر ضده أو يتجسس عليه أو يهاجمه أو يضع العراقيل أمام محاولاته لتحقيق أهدافه في الحياة ، وأحياناً ما تهاجم هذه الأوهام الشخص المصاب بشكل منعزل ومتفرق عن بعضها البعض (كما يحدث في حالة الشخص الذي يتوهم أن زملاءه في العمل يحاولون مضايقته باستمرار) .
في أحيان أخرى تكون الأوهام عبارة عن نظام متكامل من الأفكار التي تسيطر على الشخص المصاب بالوهم تمام السيطرة (ويطلق عليها الأوهام المنظمة أو الأوهام المرتبة) ، فعلى سبيل المثال قد يعتقد المصابون بمجموعة من أوهام الاضطهاد أن بعض المنظمات الحكومية تقتفي أثرهم باستمرار لأن الشخص المضطهد يعتقد بشكل زائف أن هذه المنظمات تتهمه بالجاسوسية ، ويمكن أن يتسع نطاق هذه النظم المتكاملة للأفكار الوهمية التي يعتقد فيها الشخص المصاب بالوهم وتتعقد لدرجة تجعل هذا الشخص يفسر في ضوئها كل ما يتعرض له في الحياة .
الوهم الديني : ويشمل هذا النوع الأوهام التي يكون مضمونها دينياً أو روحياً ، وقد تأتي هذه الأوهام متحدة مع غيرها من الأوهام كوهم العظمة (كأن يعتقد الشخص المصاب بالوهم أنه إله أو أن قوى عليا قد اختارته ليكون خليفةً لها على الأرض) .
الوهم الجسدي : هو الوهم الذي يتعلق بأداء الجسم لوظائفه أو بالأحاسيس الجسدية أو بالمظهر الخارجي ، وعادةً ما ينطوي هذا الاعتقاد الزائف على فكرة إصابة الجسم بأحد الأمراض أو كونه غير طبيعي أو قد طرأ عليه بعض التغيير ، ومثال ذلك أن يعتقد الشخص المصاب بالوهم أن الطفيليات تغزو جسده باستمرار .
وهم الطفيليات أو وهم الإصابة بداء طفيلي : وفيه يعتقد الشخص المصاب بالوهم أن جسده تغزوه حشرة أو بكتيريا أو عثة أو عناكب أو قمل أو براغيث أو ديدان أو أنواع أخرى من الكائنات الدقيقة ، وقد يصف بعض هؤلاء المرضى أيضاً أنهم يتعرضون للدغ هذه الكائنات بصفة متكررة ، وفي بعض الحالات، يكون مطلوباً من علماء الحشرات البحث عن السبب وراء اللدغات الغامضة التي تنتشر في أجساد بعض هؤلاء المرضى ، وفي أحيان أخرى، يظهر على المصابين علامات جسدية ظاهرة تتضمن الآفات الجلدية .
أسباب الأوهام
إذا أردنا أن نتعرف على التفكير التوهمي في مريض معين، من المهم أن نستشير طبيباً نفسياً يستطيع فحص هذا المريض فحصاً شاملاً قبل تشخيص المشكلة التي يعاني منها ، وقد كان تفسير أسباب الإصابة بالأوهام تحدياً كبيراً استلزم وضع العديد من النظريات .
وتعتبر النظرية الجينية أو البيولوجية إحدى النظريات التي حاولت أن تقوم بذلك حيث تقول هذه النظرية بإن الأقارب وثيقي الصلة بالأشخاص المصابين بالاضطراب التوهمي تزداد لديهم احتمالية الإصابة بالسمات التوهمية .
وهناك نظرية أخرى تحاول أن تشرح أسباب الإصابة بالأوهام عن طريق الاختلال الوظيفي في تطور عملية الإدراك والمعرفة ، وتوضح هذه النظرية أن الأوهام يمكن أن تنشأ عن الأساليب التي تتسم بالتحريف والتشويه والتي يستخدمها البعض في تفسير وفهم حقائق الحياة .
أما النظرية الثالثة التي تحاول أن توضح أسباب الإصابة بالأوهام فيطلق عليها اسم الأوهام المحفزة أو الدفاعية ، وتنص هذه النظرية على أن بعض الأشخاص الذين يكونون عرضة للإصابة بالأوهام يمكن أن تنطلق بداخلهم شرارة الإصابة بالاضطراب التوهمي في تلك اللحظات التي يمثل لهم فيها التغلب على الصعوبات التي تواجههم في الحياة والحفاظ على احترام الذات تحدياً كبيراً .
- ففي هذه الحالة، يرى الشخص المصاب بالأوهام أن الآخرين هم المتسببون في الصعوبات التي تواجهه في حياته الشخصية، وذلك حتى يتمكن من الاحتفاظ بوجهة نظر إيجابية عن نفسه .
- وتعتبر هذه الحالة أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع أو النظر . كذلك يتم الربط بين تعرض الشخص المستمر لعوامل الضغط وبين الاحتمالية الكبيرة لإصابته بالأوهام .
- ويمكن اعتبار كلاً من الهجرة والمكانة الاقتصادية والاجتماعية المتردية مثالين على عوامل الضغط التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالأوهام .
مراحل تطور أنماط محددة من الأوهام
يمكن اعتبار أن أهم اثنين من العوامل التي ترتبط بشكل أساسي بنشأة الأوهام داخل بعض الأشخاص هي : -
- اضطراب وظيفة المخ : وتكون المستويات المرتفعة للدوبامين في المخ من الأعراض التي تكشف عن وجود اضطرابات في وظائف المخ .
- وجود بعض العوامل في حياة المريض التي تترك أثرها على مزاجه وشخصيته : أن هناك تغيراً بسيطاً يطرأ على شخصية المريض بسبب إصابته بالمرض، وأن هذا التغيير يتسبب في إيجاد المناخ التوهمي الملائم الذي تنبع المزيد من الأوهام في إطاره ، وللعوامل الثقافية تأثير قاطع على ظهور الأوهام .
تشخيص الوهم
اولاً التفريق بين الأوهام الحقيقية والأعراض الأخرى التي يمكن أن تتشابه معها، مثل القلق أو الخوف أو البارانويا .
- لتشخيص الإصابة بالوهم، يمكن استخدام مقياس الفحص النفسي للمريض .
- ويشتمل هذا الاختبار على المظهر والمزاج والشعور والسلوك ومعدل سرعة الحديث واستمراريته ووجود دليل على إصابة هذا الشخص بالهلوسة أو إيمانه بمعتقدات غير سوية .
- يجب أن يشمل الفحص المحتوى الفكري لهذا الشخص وتكيفه مع الإحساس بالزمن والمكان والأشخاص وكذلك قدرته على الانتباه والتركيز ومشاعره الباطنة وأحكامه على الأمور التي تدور حوله والذاكرة قصيرة المدى .
علاج الأوهام
تتم معالجة المرضى المصابين بالأوهام من خلال المعالجة النفسية باستخدام أسلوب العلاج الإسقاطي ، والمعرفي ، وتصحيح الأفكار والمعتقدات لدى المريض ، ويتم ذالك في عدة جلسات ومن قبل طبيب نفسي متخصص ومتأهل.