التخلف العقلي Mental retardation

 التخلف العقلي يدعــى بالاضطراب العقلي النمائي، أو عجز التعلم العام وهو اضطراب في النمو العصبي يتميز بضعف الأداء الفكري والتكيفي ، ويعرف بالإعاقة الذهنية عندما يقل معدل ذكاء عن 70 % بالإضافة إلى عجز في سلوكين تكيفيين أو أكثر مما يؤثر على سلوكات الحياة اليومية والعامة ، وتركز هذه الإعاقة على التعلم بشكل كامل تقريباً.

الاضطراب العقلي النمائي
التخلف العقلي

يتضمن التعريف عنصراً يتعلق بالأداء العقلي وآخر بمهارات الفرد الوظائفية في بيئته على حد سواء، ونتيجة لهذا التركيز على قدرات الأشخاص في الواقع فإن فرداً بمعدل ذكاء منخفض بشكل غير عادي قد لا يعتبر معاقاً ذهنياً، وتنقسم الإعاقة الذهنية إلى : -

  • الإعاقة الذهنية المتلازمة : وفيها تكون صعوبات التعلم مقترنة بعلامات وأعراض أخرى طبية وسلوكية .
  • الإعاقة الذهنية غير المتلازمة : وفيها تظهر الصعوبات دون أن يرافقها علامات أخرى غير طبيعية .

ومن الأمثلة على الإعاقة الذهنية المتلازمة : متلازمة داون ومتلازمة الكروموسوم الجنسي X الهش .

أسباب التخلف العقلي

تكون الأسباب غير معروفة في ما يقارب من ثلث إلى نصف الحالات المصابة من الأطفال .

  • أما الأسباب المعروفة والأكثر شيوعاً في المصابين منذ الولادة هي : -
    1. متلازمة داون .
    2. متلازمة دي جورج .
    3. متلازمة الجنين الكحولي .

وقد وجد الأطباء أسباباً أخرى متعددة، أكثرها شيوعاً ما يلي : -

  • الأمراض الوراثية : في بعض الأحيان يكون سبب الإعاقة هو جينات غير طبيعية موروثة من الآباء، أو أخطاء عند اندماج الجينات، أو أسبابا أخرى ، وتتضمن الأمراض الوراثية الأكثر انتشاراً : -
    • متلازمة داون، ومتلازمة كلينفلتر، ومتلازمة الكروموسوم X الهش (شائعة بين الذكور)، والورام الليفي العصبي، وقصور الغدة الدرقية الخلقي، ومتلازمة ويليام، وبيلة الفينيل كيتون، ومتلازمة برادر ويلي .
  • وهناك أمراض أخرى أقل شيوعاً مثل : -
    • متلازمة الحذف، ومتلازمة موات ويلسون، والتلف الهدبي الجيني .

المشاكل أثناء الحمل : قد تنتج الإعاقة الذهنية إذا لم يتطور الجنين بالشكل الصحيح ، وعلى سبيل المثال قد تكون هناك مشاكل في طريقة انقسام خلايا الجنين أثناء نموه ، وكذالك إذا كانت الأم تشرب الكحول أو انتقلت إليها عدوى الحصبة الألمانية أثناء الحمل، فإن هذا قد ينتج عنه إصابة الطفل بالإعاقة الذهنية .

المشاكل أثناء الولادة : إذا عانى الطفل من مشاكل أثناء الولادة، كعدم الحصول على أكسجين كافي ، فإنه قد يصاب بإعاقة نمائية بسبب التلف الحاصل في الدماغ .

التعرض إلى أنواع معينة من الأمراض أو السموم : قد تتسبب أمراض كالسعال الديكي، والحصبة، والتهاب السحايا بالإعاقة الذهنية إذا لم تقدم الرعاية الطبية في الوقت المناسب أو الطريقة الملائمة ، وكذلك قد يؤثر التعرض لمواد سامة كالرصاص والزئبق على القدرات العقلية .

  • يعتبر نقص اليود سبباً رئيساً قابلا للتفادي للإعاقة الذهنية في مناطق واسعة في الدول النامية حيث يعتبر نقص اليود مزمناً ، وهو يصيب ما يقارب بليوني شخص حول العالم ، وكذلك قد يسبب نقص اليود مرض الدُّراق الذي هو تضخم في الغدة الزعترية .
  • ويتسبب سوء التغذية بانخفاض مستوى الذكاء في الأجزاء المصابة بالمجاعة حول العالم .غياب الحزمة المنحنية .

أعراض وعلامات التخلف العقلي

جميع أعراض وعلامات الإعاقة الذهنية سلوكية ، ومعظم الأشخاص المصابين بالإعاقة الذهنية لا يبدون مصابين بشيء، خصوصاً إذا كان سبب الإعاقة نابعاً من البيئة المحيطة كسوء التغذية أو التسمم بالرصاص .

أما ما يسمى بالمظهر النمطي المقترن بالمصابين بالإعاقة الذهنية فهو في الحقيقة موجود في الأقلية من الحالات، وهي جميعها من النوع المتلازم .

  • الأطفال المصابون بالإعاقة الذهنية قد يكونون قادرين على تعلم الجلوس، والزحف، والمشي متأخرين بذلك عن أقرانهم، أو ربما يتعلمون التحدث في وقت متأخر .
  • بالإضافة الى ذالك فإن كل الأطفال والبالغين المصابين بالإعاقة الذهنية قد يحملون بعض أو كل الأعراض التالية : -
    1. تأخر تطور اللغة الشفوية .
    2. عجز في مهارات التذكر .
    3. صعوبة تعلم القواعد الاجتماعية .
    4. صعوبات في مهارات حل المشكلات .
    5. تأخر تطور السلوكات التكيفية كمهارات مساعدة الذات والعناية بالنفس .
    6. نقص في المثبطات الاجتماعية .
  • الأطفال المصابون بالإعاقة الذهنية يتعلمون بشكل أبطأ من الأطفال العاديين ، وهم قد يأخذون وقتاً أطول لتعلم اللغة، وتطوير المهارات الاجتماعية، والعناية بحاجاتهم الشخصية، كارتداء الملابس وتناول الطعام .

قد يأخذ التعلم وقتاً أطول، ويتطلب تكراراً أكثر، واكتساب مهارات لتناسب مستويات تعلمهم .في مرحلة الطفولة المبكرة، قد لا تكون الإعاقة الذهنية الخفيفة (معدل ذكاء 50-69) واضحة، وقد لا تشخص إلى أن يبدأ الأطفال بدخول المدرسة ، بل وحتى مع وجود ضعف في النتائج الأكاديمية، قد يحتاج الأمر إلى حكم الخبراء لتمييز الإعاقة الذهنية الخفيفة عن صعوبات التعلم أو الاضطرابات العاطفية السلوكية .

الأشخاص المصابون بالإعاقة الذهنية قادرون على تعلم مهارات القراءة والحساب إلى مستوى الأطفال العاديين من عمر 9-12 سنة تقريباً ، وهم يستطيعون تعلم العناية بأنفسهم والمهارات العملية كالطبخ أو استخدام نظام النقل العام المحلي ، وما إن يصلوا سن الرشد ، يستطيع الكثير من المصابين بالإعاقة الذهنية العيش مستقلين والثبات بوظيفة مدفوعة الأجر .

أما الإعاقة الذهنية المتوسطة (معدل ذكاء 35-49) فتكون ظاهرة دائماً تقريباً في السنوات الأولى من العمر، وتأخر النطق تحديداً هو علامة شائعة ترافق هذا النوع ، ويحتاج الأشخاص المصابون من الدرجة المتوسطة دعماً كبيراً في المدرسة والمنزل والمجتمع حتى يستطيعوا المشاركة بشكل كامل في المجتمع ، وبينما تكون قدراتهم الأكاديمية محدودة، فإنهم قادرون على تعلم مهارات صحية وأمنية بسيطة، وعلى المشاركة في أنشطة بسيطة ، وقد يعيشون مع والديهم، أو في منازل مجموعات الرعاية، أو حتى يعيشون نصف مستقلين بوجود خدمات دعم ملحوظة لمساعدتهم على إدارة شؤونهم المالية على سبيل المثال .

أما الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية الشديدة أو العميقة فيحتاجون دعماً ومراقبة مكثفين طوال حياتهم ، وقد يستطيعون تعلم بعض ممارسات الحياة اليومية ، وبعضهم يحتاج مرافقاً ليرعاه بدوام كامل .

تشخيص التخلف العقلي

يجب توفر ثلاثة شروط لتشخيص الحالة على أنها إعاقة ذهنية وهي : -

  • عجز في القدرات العقلية العامة .
  • قيود ملحوظة تحد من مجال أو أكثر من مجالات السلوك التكيفي في بيئات متعددة (يتم قياسها من خلال مقياس السلوكات التكيفة، مثلاً : مهارات التواصل، ومهارات مساعدة الذات، والمهارات الشخصية، وغيرها) .
  • وجود دليل على ظهور القيود في الطفولة أو المراهقة .

يتم تشخيص الإعاقة الذهنية رسمياً بالاستعانة بمعدل الذكاء والسلوكات التكيفية ، ويستخدم شرط ثالث يتطلب معرفة المنشأ منذ الطفولة لتمييز الإعاقة الناتجة من أمراض العته كالزهايمر أو تلك الناتجة عن إصابات الدماغ .

اختبارات الذكاء

  • تم إجراء اول أول اختبار ذكاء بواسطة مقياس ستانفورد بينيت للذكاء .
  • أخذ لويس تيرمان اختبار بينيت وقدمه على أنه اختبار لقياس الذكاء العام ، وكان اختبار تيرمان هو الاختبار العقلي واسع الانتشار الأول الذي يقدم النتائج على شكل معدل الذكاء من خلال قسمة العمر العقلي على العمر الجسدي وضرب الناتج ب100 .
  • أما الاختبارات الحالية فتقدم النتائج على شكل انحراف معدل الذكاء ، إذا كان مستوى أداء المتقدم للفحص أقل بانحرافين معياريين عن متوسط نتائج أقران المتقدم يحصل المتقدم على معدل ذكاء يساوي 70 .
  • وحتى أحدث مراجعة من معايير التشخيص، يعتبر معدل الذكاء الذي يقل عن أو يساوي 70 عاملاً رئيسياً في تشخيص الإعاقة الذهنية، كما يتم استخدام معدلات الذكاء لتصنيف درجات الإعاقة الذهنية .

وبما أن تشخيص الإعاقة العقلية لا يعتمد فقط على معدل الذكاء، بل يجب أن يأخذ بالحسبان سير العملية التكيفية لدى الشخص، فإن التشخيص يعد بحيث يتمتع بالمرونة . ويشمل التشخيص ما يلي : -

  1. نتائج الاختبارات الذهنية .
  2. نتائج اختبارات التكيف التي يتم تحصيلها من مقياس لتقييم السلوك التكيفي والذي يعتمد على وصف للقدرات التي يمتلكها الفرد وهو ما يعرفه الفاحص من شخص يعرف الفرد الذي يتم تشخيصه .
  3. بالإضافة إلى المشاهدات التي يرصدها الفاحص القادر على الحصول على ما يستطيع الشخص فهمه، والتواصل معه، وما شابه ذلك من المهارات، من الشخص مباشرة .

تقييم الذكاء يجب يكون مبنياً على اختبار قائم، وهذا ما يجنب التشخيص الوقوع في شرك تأثير فلينْ، الذي هو نتيجة لتغير أداء السكان في اختبارات الذكاء مما أدى إلى تغير معايير اختبارات الذكاء عبر الزمن .

التمييز عن الإعاقات الأخرى

الإعاقة الذهنية هي فرع من العجز الإدراكي أو الإعاقات المؤثرة على القدرات الذهنية، وهذا مصطلح واسع يضم إعاقات أخرى إما خفيفة جداً لدرجة أنه يصعب اعتبارها إعاقات ذهنية، أو خاصة جداً (كإعاقة التعلم الخاصة)، أو إعاقات يكون اكتسابها لاحقاً مع العمر من خلال إصابات الدماغ أو أمراض الاضمحلال العصبي كأمراض الشيخوخة . وقد يظهر العجز الإدراكي في أي عمر ، وأما الإعاقة النمائية هي أية إعاقة ناتجة عن حدوث مشاكل في النمو والتطور . يشمل هذا المصطلح أمراضاً خلقية عديدة لا تضم مكونات تتعلق بالمشاكل العقلية أو الذهنية، وبالرغم من ذلك فإنه قد يتم استخدام هذا المصطلح للتخفيف من واقع مصطلح الإعاقة الذهنية .

قيود السلوك التكيفي في أكثر من مجال

  • يعود السلوك التكيفي، أو الأداء التكيفي، إلى المهارات اللازمة للعيش باستقلالية (أو في أدنى مستوى مقبول لعمر معين) .
  • لتقييم السلوك التكيفي، يقارن المختصون قدرات الطفل الوظيفية مع تلك الخاصة بأقرانه .
  • ولقياس السلوك التكيفي، يستخدم المختصون مقابلات منظمة يستخلصون منها معلومات حول أداء الشخص في المجتمع من خلال أشخاص يعرفونه جيداً .
  • يوجد العديد من مقاييس السلوك التكيفي، والتقييم الدقيق لفاعلية السلوك التكيفي للشخص يتطلب حكماً سريرياً أيضاً .

هناك مهارات محددة متعلقة بالسلوك التكيفي تؤخذ بعين الاعتبار، ومنها ما يلي : -

  1. مهارات الحياة اليومية، كارتداء الملابس، واستخدام الحمام، وتغذية الإنسان نفسه .مهارات الاتصال، كفهم ما يقال والقدرة على الرد .
  2. المهارات الاجتماعية مع الأقران، وأفراد العائلة، والأزواج، والراشدين، والآخرين .

علاج التخلف العقلي

لايمكن شفاء المتخلفين عقلياً ، ولكن من الممكن في أغلب الحالات عمل الكثير لمساعدتهم على النمو الاجتماعي والعقلي .

وتشمل طرق علاج التخلف العقلي أنواعاً من التعليم والتدريب الملائمين للمعاق ، ولكل طفل معاق الحق الشرعي في التعلّم عندما يصل لسن المدرسة مهما كان تخلّفه العقلي.

  • ويبدأ تدريب المعاقين منذ الطفولة في بعض الحالات ، وقد يستمر حتى يصل الطفل إلى مرحلة النضج .
  • ومن الطرق العلاجية المساعدة ما يلي : -
    1. العلاج النفسي الاجتماعي .
    2. العلاج السلوكي .
    3. العلاج الإدراكي السلوكي .
    4. الاستراتيجيات الموجهة من قبل العائلة .
  • وبشكل أساسي تستهدف العلاجات السلوكية النفسية الأطفال قبل دخول المدرسة باعتبار هذا العمر الوقت الأمثل للعلاج .

ويجب على هذا العلاج المبكر أن يتضمن تشجيع الاستكشاف لدى الطفل، وتوجيهه في المهارات الأساسية، والاحتفاء بالتقدم النمائي الذي يحرزه، والتدرب الجماعي الموجه والتوسع في المهارات التي يكتسبها حديثا، وحمايته من أضرار تعرضه للنقد والسخرية، والعقوبات، أو تعريضه لبيئة غنية بلغة سريعة الاستجابة .

  • العناصر الأساسية للعلاج السلوكي تتضمن اللغة وتعلم المهارات الاجتماعية .
  • العلاج الإدراكي السلوكي الذي هو مزيج بين النوعين السابقين، يتضمن تقنية تعلم استراتيجية فوق استراتيجية تعلم الأطفال الرياضيات، واللغة ومهارات أساسية أخرى متعلقة بالذاكرة والتعلم ، والهدف الأساسي من هذا التمرين هو تعليم الطفل كيف يكون مفكراً استراتيجياً من خلال صنع روابط وخطط إدراكية .

على الرغم من عدم وجود دواء محدد للإعاقة الذهنية، إلا أن العديد من المصابين بالإعاقات النمائية يعانون من مشاكل صحية أخرى وقد يتطلب الأمر أن يصرف لهم عدد من الأدوية ، على سبيل المثال، الأطفال المتوحدون الذين يعانون من تأخر النمو قد يوصف لهم مضادات الذهان أو محسنات المزاج للسيطرة على سلوكاتهم ، إلا أن استخدام المصابين بالإعاقة الذهنية لأدوية عقلية يحتاج مراقبة وحذراً إذ إن الآثار الجانبية شائعة الحدوث وكثيراً ما يساء تشخيصها على أنها مشاكل سلوكية ونفسية. 

تعليقات