اضطراب ما بعد الصدمة يدعــى باضطراب الكرب التالي للصدمة أو اضطراب الكرب التالي للرضح وهو نوع من أنواع المرض النفسي حسب النظام العالمي للتصنيف الطبي للأمراض والمشاكل المتعلقة بها ، حيث يسبق اضطراب ما بعد الصدمة استناداً إلى تعريف الاضطراب، حادثاً واحد أو عدة حوادث كارثية أو تهديدات استثنائية ، وليس من الضروري أن يكون التهديد هذا موجهاً إلى الشخص ذاته، بل يمكن أن يكون موجهاً إلى أشخاص آخرين.
اضطراب ما بعد الصدمة |
تعريف أخر : اضطراب ما بعد الصدمة، هو رد فعل لاحق محتمل من معايشة حدث مؤلم أو أكثر من قبيل معايشة العنف الجسدي والجنسي، أيضاً في الطفولة التحرش الجنسي، والاغتصاب، والهجوم العنفي على الشخص ذاته، والاختطاف، أن يؤخذ المرء كرهينة، والهجمة الإرهابية، والحرب، والأسر، والاعتقال السياسي، والتعذيب، والاحتجاز في معسكرات الاعتقال، والكوارث المتسببة من قبل الإنسان أو الطبيعة، والحوادث (اليومية)، وعند تشخيص مرضاً مستعصياً ، على ذات المرء، أو على أشخاص آخرون .
أسباب اضطراب ما بعد الصدمة
لا ينشأ اضطراب ما بعد الصدمة بسبب عدم الاستقرار النفسي، ولا هو تعبير عن مرض نفسي ، إذ إن الأشخاص الأصحاء نفسياً يمكن أن تنشأ لديهم اضطرابات ما بعد الصدمة ، ومع ذلك، هناك بعض عوامل الخطر عند بعض الأشخاص ترجح احتمال تولد اضطرابات ما بعد الصدمة لديهم .
- اضطرابات ما بعد الصدمة هي محاولة الكائن الحي للبقاء على قيد الحياة رغم حالة الصدمة إذا بان التهديد على الحياة .
- وبالتالي، فهي ليست تعبير عن الفشل (أو الخلل)، ولكن تشكل استجابة صحية ورد فعل مناسب إزاء الحدث .
- علماء الأعصاب في جامعة أوتريخت الهولندية أظهروا أن المصابين باضطراب ما بعد الصدمة لديهم استجابة ضعيفة بشكل غير اعتيادي للآلام النفسية .
عوامل خطر الإصابة بالمرض
تشمل عوامل الخطر، أحداث حياتية وظروفاً معيشية مجهدة، تساهم كلاً بانفراد أو نتيجة تظافرها في تشكل اضطراب ما بعد الصدمة ، ويمكن لعوامل الخطر ان تكون متواجدة قبل حدوث الصدمة (عوامل الخطر السابقة للصدمة)، أو أن تتشكل خلال الصدمة أو بعدها (عوامل الخطر اللاحقة للصدمة) .
- من بين جملة عوامل الخطر التي تشكل اضطرابات ما بعد الصدمة، يمكن أن نوردها وفقاً لطول مدة حدوث الصدمة وشدة قوتها .
- العنف والاغتصاب، والحرب، والاضطهاد السياسي أو التعذيب ، لها عواقب نفسية وخيمة أكثر وطأة على الضحية .
- الفظائع التي شهدها أناس أثناء الحرب أو في السجون، سواء كضحايا أو كشهود، لا تتوافق مع نظرتهم المسبقة للعالم ، ليبقى رعب مجهول يتعارض مع الاعتقاد الأصلي في افتراض وجود الروح الإنسانية .
- الأفراد اللذين تعوزهم شبكة علاقات اجتماعية متينة، أو الأشخاص اللذين عانوا من مشاكل نفسية مسبقة، يكونون عادة أكثر عرضة للإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة في حالة تعرضهم لصدمة نفسية .
- ويرتبط مع زيادة احتمال تشكيل أعراض ما بعد الصدمة : تجربة يترافق فيها معايشة هزيمة نفسية باحتمال غالب مع تشكل أعراض ما بعد الصدمة .
- أفراد فرق المساعدة المؤهلون (مثل رجال الإطفاء أوالشرطة) نادراً ما تتشكل لديهم اضطرابات ما بعد الصدمة قياساً بأشخاص غير مؤهلين .
ومن عوامل الخطر المسبقة للصدمة ما يلي : -
- الافتقار إلى الدعم العاطفي للوالدين أو الأقارب .
- النشأة في العوز والفقر .
- انخفاض المستوى التعليمي للوالدين .
- النشأة في عوائل كثيرة الأعضاء مع ضيق المساحة السكنية .
- الجريمة وانتحار أحد الوالدين أو كليهما .
- انخفاض التناغم العائلي .
- اضطراب نفسي لدى أحد أو كلا الوالدين .
- السلوك الاستبدادي لأولياء الأمور .
- الأطفال غير الشرعيين .
- التنشئة في ظل أحد الوالدين فقط .قصر المسافة العمرية لولادة الأطفال .
- إفتقار الأطفال إلى العلاقة والتواصل مع أقرانهم .
قدمت دراسة إعادة تأهيل قدامى الحرب الفيتنامية في 1983 معلومات مهمة حول المخاطر والعوامل لاضطراب ما بعد الصدمة وهي كما يلي : -
- عوامل الخطر قبل العمليات القتالية : -
- الإصابة بالاكتئاب قبل المهمة القتالية .
- نمط عقابي لتربية الأطفال من قبل الوالدين .
- الإنحدار من عائلة غير مستقرة .
- الإنحدار من الأصول الإسبانية الأمريكا لاتينية .
- عوامل الخطر خلال العمليات القتالية : -
- تفكك قريب من الصدمة(التفكك مباشرة بعد الصدمة) .
- عوامل الخطر بعد العمليات القتالية : -
- الأحداث الحياتية المجهدة (مثل الطلاق، وفقدان أحد أفراد الأسرة، والمرض) .
- التعرض لمزيد من الصدمات .
اضطراب ما بعد الصدمة والجينات ليست الصدمة النفسية فقط بل يبدوا أن الجينات الوراثية تلعب أيضاً دوراً في تشكل إعراض غير مقبولة اجتماعياً بعد حادث الاعتداء .
- يبدوا أن الاطفال ذوي الكرموزومات X ذات النشاط الأوكسيديزي أحادي الأمين المنخفض تتشكل لديهم احتمال الاصابة باضطرابات ما بعد الصدمة بنسبة الضعف مقارنة بسواهم من الأطفال (في حال حصول الصدمة) .
- ويتزايد احتمال مشاركتهم كمرتكبي جرائم، لحد عشرة أضعاف في سنوات عمرهم دون 26 سنة قياساً بمصدومين آخرين بدون هذه الخلفية الجينية .
أعراض وعلامات اضطراب ما بعد الصدمة
تتمثل الأعراض العامة لإضطراب ما بعد الصدمة النفسية بما يلي : -
- فقدان الذاكرة الجزئي .
- كآبة .
- اضطرابات فصامية .
- تغيرات في الشخصية .
- اضطرابات التعلق والإرتباط .
- الادمان .
- أنماط السلوك العدواني .
- السلوك والافعال الجارحة للذات .
- محاولات الانتحار .
- مشاكل جنسية (عند اللذين تعرضوا للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي) .
أعراض محددة عند الأطفال ضحايا العنف الجنسي
قد تحدث عند ضحايا العنف الجنسي لدى الأطفال بالإضافة إلى الأعراض العامة الموضحة أعلاه أعراض معينة وهي : -
- التبول اللاإرادي بعد أن يكون الطفل قد تخطى ذلك بالفعل أو التبول اللاإرادي في سنين عمر متقدمة .
- التغوط اللاإرادي .
- سلوك جنسي قوي .
- اللعب الجنسي بما لا يتناسب مع الأعمار .
- هذة الاعراض قد تظهر وقد لا تظهر ، كما انها ليست قرينة ولا دليل لحصول الحدث بل أعراض قد تظهر في حالة حصوله مسبقاً .
التصنيف الدولي للأمراض
من اجل التشخيص وفقاً لــ معايير التشخيص لاضطراب ما بعد الصدمة وفقا للتصنيف الدولي للأمراض ICD-10 ، يجب أن تتواجد لدى المريض المعايير التالية : -
- إن الشخص المعني قد تعرض لحادث ذو بعد تهديد استثنائي أو كارثي على مدى مدة قصيرة أو طويلة .
- هذا الحادث كان من شأنه ان يتتسبب عند أي شخص آخر تقريباً حالة من اليأس العميق .
- عند توفر واحدة من الحالات التالية : كون المصدوم يتذكر الحدث الصادم باستمرار، أو تتولد لديه مراراً حالة صدمة بسبب الافكر الإقتحامية المتمثلة بتذكر حادث الصدمة الإولى (صدى الذكريات واجترار الذكريات، والأحلام أو الكوابيس)، أو الاحساس بالمحنة عند الولوج في الحالات التي تتصل أو التي تشبه ظروف الصدمة .
- الشخص يتجنب الظروف (القائمة فعلياً أو المحتملة) التي تشبه ظروف الصدمة .
- مع توفر واحدة على الأقل من المعايير التالية : -
- عجز جزئي أو كامل في تذكر بعض الجوانب الهامة من تجربة الصدمة المرهقة .
- أو وجود الأعراض المستمرة للإثارة ولزيادة الحساسية النفسية، حيث يجب فيها أن تتحقق اثنين على الاقل من الميزات التالية : -
- صعوبة الدخول في النوم، أو الأرق .
- زيادة الاحساس بالمباغتةالتحفز واليقظة المفرطة .
- مصاعب التركيز .
- الهيجان ونوبات الغضب .
- يجب أن تظهرأعراض اضطراب ما بعد الصدمة في غضون ستة أشهر بعد وقوع الحدث المجهد (أو بعد فترة الإجهاد، مثلا بعد مدة من السجن) .
يرافق ذلك في كثير من الأحيان الانسحاب والانعزال الاجتماعي، وتواجد شعور من الخدر والبلادة العاطفية، واللامبالاة ازاء الأشخاص الآخرين فضلا عن تعكر المزاج .إذا استمرت الاعراض المزمنة لاضطراب ما بعد الصدمة لسنوات عديدة، يمكن تشخيص تغييردائم في الشخصية بعد اجهادات استثنائية .
الدليل التشخيص والإحصاء للاضطرابات النفسية
معايير التشخيص لاضطراب ما بعد الصدمة وفقاً لدليل التشخيص والإحصاء للاضطرابات النفسية هي : -- تم مواجهة حادث صدمة نفسية، وهي : -
- المواجهة الأولى في ان يكون الشخص نفسه أو أشخاص آخرون مقربون منه على وشك الموت أو تحت التهديد بالسلامة الجسدية (موضوعية) .
- ردالفعل : الخوف الشديد، والعجز أو الرعب (ذاتي) .
- عودة معايشة الحدث المستمرة على شکل : -
- معاودة الذكريات المؤرقة والمزعجة (الصور، والأفكار والتصورات) .
- معاودة الأحلام المجهدة .
- التعامل أو الشعور كإن الحدث يتكرر .
- التهرب الدائم من المحفزات المرتبطة بالصدمة أو تسطيح الاستجابة العامة لها ، وذلك عند استيفاء ثلاثة من المعايير سبعة التالية : -
- التجنب المقصود للأفكار والمشاعر أو المحادثات المتعلقة بالصدمة .
- التجنب المقصود للأنشطة والأماكن أو الأشخاص اللذين يثيرون الذكريات .
- عدم المقدرة على تذكر جزء هام من الصدمة .
- تضاءل ملحوظ للاهتمام أو المشاركة في الأنشطة الهامة.
- الإحساس بعدم الإرتباط والقطيعة عن الآخرين.
- محدودية التأثر العاطفي .
- الإحساس بمحدودية المنظور .
- الأعراض المستمرة لزيادة الإثارة ، عند توفر اثنين من المعايير التالية : -
- مصاعب في الاستسلام للنوم أو الأرق .
- الهيجان أو نوبات الغضب .
- مصاعب التركيز .
- التحفز (اليقظة الشديدة) الجفل (من يجفل) المبالغ .
- اضطراب يستمر لفترةأطول من شهر واحد .
- اضطراب بسبب آلام مرضية سريرية كبيرة أو إختلال في المركز الاجتماعي أو المهني وما شابه .
علاج اضطراب ما بعد الصدمة
الشرط الأساسي لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة هو ان تكون الصدمة قد حدثت في الماضي ، وليس من الممكن إجراء العلاج من اضطرابات الصدمة، في حين أن الشخص لا يزال في حالة صدمة ، وينصح غالباً اجراء العلاج النفسي للمصابين بالصدمات النفسية .
- ينبغي نصح المريض وكجزء من التثقيف النفسي عن مصاعبه، لتتيح له فرصة فهم الأعراض والأسباب .
- يوصى عادة في البداية بالعلاج شبه السريري إذا أثر الاضطراب على القيام بالوظائف اليومية الهامة، مثل عدم إستطاعة المصاب الذهاب إلى العمل أو إذا كانت المضاعفات المرضية للاضطرابات موجودة .
- ينصح بالعلاج السريري الكامل للمرضى اللذين لديهم ردود فعل قوية من الذعر أو غيرها من الأعراض والمضاعفات المرضية الشديدة جداً لغرض الحصول على استقرار حالتهم المرضية .
- قد يكون المزيد من العلاج في العيادات ضرورياً بعد تحقيق الاستقرار .
العلاج النفسي
هناك العديد من الأساليب المختلفة لعلاج الصدمات النفسية ، ومنها ما يلي : -
- إذا كان الشخص المعني غالباً ما تطغى عليه ذكريات معايشة الصدمة النفسية وينجم عن ذلك احاسيس وعواطف عنيفة، يمكن أن يكون مفيداً مساعدته على كيفية التعامل مع الذكريات الاقتحامية بدلاً من معالجة الصدمة نفسها مباشرة ، في هذا النهج يتم تجنب مواجهة مباشرة مع تجربة الصدمة .
- أما إذا كان الشخص المعني تطغي عليه ذكريات الحادث بشكل اقل، قد يكون التصدي المباشر لتجربة الصدمة مفيداً .
- قبل استخدام التقنيات العلاجية للصدمة النفسية، غالباً ما يكون التوصل إلى الاستقرار ضروريا اولاً .
- وبعد معالجة الصدمة، غالباً ما يكون إعادة تقييم وتوجيه ظروف حياة المرء ضرورياً وذلك مع تقديم الدعم النفسي .
العلاج الدوائي
- ومن الأدوية المستخدمة في علاج اضطراب ما بعد الصدمة ما يلي : -
- Amitryptilin .
- Mirtazapin .
- Paroxetin .
- Sertralin .
- ويمكن استخدام Trazodon لتحسين النوم.
- كما يوصف Benzodiazepine للعلاج على المدى القصير.