الرجفان الأذيني هو أحد اضطرابات النظم، وهو ناجم عن تشكل وانتقال عشوائي للشارة الناقلة في حجرتي الأذينين في القلب، مما يؤدي إلى انقباضات عشوائية وغير منتظمة لخلايا الأذينين، وذلك يخل بالوظيفة الانقباضية للأذين، فيظهر ذلك على جدار الأذينين الذين يرجفان مكانهما بدل أن ينقبضا معاً بشكل منتظم، أما انقباض البطينين فيكون غير منتظم.
الرجفان الأذيني |
الخطر من هذه الحالة هو تسارع القلب الشديد، ونشأة تخثرات دموية في الأذين الأيسر والتي قد تكون السبب في حصول سكتة دماغية أو مضاعفات تجلطية أخرى.
أسباب حدوث الرجفان الأذيني
يحدث رجفان الأذين نتيجة اضطراب يصيب الشارة الناقلة في الأذينين والتي تفقد انتظامها كلياً، فتصير شارة عشوائية تمثل انقباضاً عشوائياً لعضلات الأذينين، وهذه الشارة العشوائية في الأذينين تصل بشكل غير منتظم إلى العقدة الأذينية البطينية، والتي تقوم بنقلها بحسب حالتها الناقلة، وبشكل عشوائي أيضاً، الأمر الذي يؤدي إلى عدم انتظام دقات القلب، ويظهر ذلك بعدم انتظام النبض، وعدم انتظام في مخطط القلب الكهربائي، حيث يظهر معقد QRS على فترات متفاوتة وبدون أي تردد معين.
تكون سرعة البطين في هذه الحالة معتمدة على سرعة النقل للعقدة الأذينية البطينية، في بعض الحالات الخاصة قد تصل سرعة البطين إلى 180 /دقيقة، ويؤدي هذا النقل المتسارع إلى حالة التسارع الأذيني، كما أنه في بعض الحالات يكون نقل العقدة بطيئاً مما يؤدي إلى تباطؤ القلب، وكلتا الحالتين يجمعهما عدم انتظام في الانقباض لعضلة القلب، وبالتالي عدم انتظام النبض.
أنواع الرجفان الأذيني
ينقسم الرجفان الأذيني من الناحية السريرية إلى : -
- حديث : وهو الرجفان الأذيني الذي يشخص للمرة الأولى، ويمكن تسجيل أعراضه أو عدم وجود أعراض له، وفي لحظة اكتشافه لأول مرة يمكن تقسيمه إلى :-
- متكرر : وهو الذي يأتي كنوبات تنتهي لوحدها وتدوم أقل من سبعة أيام.
- مستمر : وهو الرجفان المستمر لأكثر من سبعة أيام، ويمكن محاولة إنهاؤه إما بالأدوية أو بجهاز مزيل الرجفان، وسواء تم إنهاؤه علاجياً، أم لا فهو يلقب بالمستمر، وذلك لأنه لم ينته لوحده.
- دائم : وهو الرجفان الأذيني الدائم، سواءً تمت محاولة علاجه وفشلت، أم تقرر الاستغناء عن محاولة العلاج، أم أنه كان متكرراً وتحول إلى مستمر فدائم، ويسمى هذا النوع بالرجفان المزمن.
ويمكن تصنيف الرجفان الأذيني من الناحية السببية إلى الأقسام التالية : -
- اضطراب أذيني يتبع حالة مرضية قد تكون هي السبب في الاضطراب، مثل : مرض شريان القلب التاجي، عملية جراحية لللقلب، التهاب الغشاء التاموري، التهاب عضلة القلب، زيادة إفراز الغدة الدرقية، انصمام رئوي، التهاب رئة، ارتفاع ضغط الدم، توسع الأذينين، سمنة.
- اضطراب أذيني يصيب من هم دون 60 سنة، ودون وجود أي مسبب معروف ، وهذه الحالة تعتبر خاصة إذ أنه من ناحية علاجية لايوجد سبب لعلاج المرضى تحت سن 60 عاماً بالأدوية مانعة التخثر.
- اضطراب أذيني من غير وجود عيوب في صمامات القلب مثل العيوب الروماتزمية أو صمام القلب الصناعي أو عملية جراحية على صمام القلب.
أعراض وعلامات الرجفان الأذيني
تتضمن أعراض وعلامات الرجفان الأذيني ما يلي : -
- خفقان بسبب عدم انتظام النظم وتسارعه غير المبرر، مثل تسارع النبض في فترة الراحة.
- ضعف في المروة وعدم تحمل للتمارين والأعباء الجسمانية، وذلك أيضاً بسبب تسرع القلب أثناء الحركة.
- ذبحة صدرية إذا ما وصل التسرع درجات يصير فيها عمل القلب غير اقتصادي وبالتالي يحصل نقص وظيفي في تروية القلب.
- اضطراب داخلي : يشعر عدد من المرضى باضطراب داخلي لايعرفون له سبباً، برغم عدم وجود أي مؤثرات عصبية أو نفسية يشعر بها المريض، ويعود ذلك إلى عدم انتظام دقات القلب.
- سكتة دماغية أو نوبة إقفارية عابرة وكلتا الحالتين ناجمتان عن تخثرات دموية في الأذين غير المنقبض وظيفياً، ومن ثم انتقال هذه الخثرات إلى البطين حين يتم ضخها مع الدم خلال الشرايين ومنها ما يصل إلى شرايين الدماغ ويسبب احتشاءها وبالتالي السكتة، أو الإقفار المؤقت.
في كثير من الحالات لايشكو المريض من أي عرض، ويكون اكتشاف المرض بمحض الصدفة أثناء إجراء فحص روتيني، أو أثناء رسم مخطط قلب كهربائي لغايات أخرى، مثل مراقبة المرضى أثناء العمليات الجراحية، أو التحضير لمثل تلك العمليات.
مضاعفات الرجفان الأذيني
مضاعفات نظمية
عادة ماتكون المضاعفات النظمية ناجمة عن تسارع القلب غير المبرر، والتي قد تؤدي إلى هبوط الضغط وحصول أزمة حادة، وهذه المضاعفات (رغم خطورتها في بعض الأحيان) إلا أنها بشكل عام سهلة العلاج، ولا تترك آثاراً طويلة الأمد، فهي تشكل في معظم الأحيان مشكلة حادة ولكنها غير مزمنة، يمكن علاجها بالأدوية المنظمة أو في الحالات الحرجة بتقويم النظم باستخدام مزيل الرجفان إذا ما دعت الحاجة لذلك.
من النادر أن ينتقل الرجفان الأذيني إلى البطين ليسبب رجفان بطيني وذلك في حالات خاصة تتمثل بوجود حزم ناقلة إضافية غير طبيعية ذات خاصية نقل سريع، وهذه الحالات هي استثنائية، بينما يكون نقل الشارة القابضة في العادة عبر العقدة الأذينية البطينية والتي تقي من انتقال الرجفان إلى البطين.
مضاعفات احتشائية
وهذا النوع هو الأهم من مضاعفات الرجفان الأذيني والناجمة عن تكون خثرات دموية في الأذين الأيسر بسبب عدم انقباضه، وبالتالي بطء حركة الدم فيه مما يساعد على نشوء خثرات فيه، وهذه الخثرات تنتقل في لحظة ما (مثلاً عند السعال، أو العطس أو الحركة) إلى البطين الأيسر ومن ثم يتم دفعها مع الدم في الدورة الدموية الكبرى، وهذا يؤدي الى انسدادا الشرايين الصغيرة في مختلف الأعضاء أي احتشاءات.
معظم الاعضاء في الجسم تتحمل هذه الاحتشاءات، ولكن إذا أُصيب الدماغ بهذه الأحتشاءات تحصل سكتة دماغية، وهي التي تعد أحد أخطر مضاعفات الرجفان الأذيني، إذ أن السكتة قد تؤدي للوفاة، كما أنها تسبب شللاً وإعاقة قد تكون مستديمة، وإذا حالف المريض الحظ، فإن الشلل يكون مؤقتاً بشكل نوبة إقفارية عابرة، كما أن هناك مضاعفات احتشائية أخرى مثل احتشاء عضل القلب.
نسبة حدوث السكتة الدماغية عند المصابين بالرجفان الأذيني تبلغ 5% في السنة، وإذا تم إضافة النوبة الإقفارية العابرة والسكتات الصامتة (التي تظهر على فحص الدماغ الطبقي) فإن النسبة تصل إلى 7% في كل عام، وبشكل عام يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية مع تقدم العمر للمصابين بالرجفان الأذيني، فهي تصل إلى 23.5% لمن عمرهم ما بين 80 و 89 عاماً.
التشخيص
يتم تشخيص الرجفان الأذيني من خلال عمل مخطط قلب كهربائي حيث لا تظهر موجة P قبل مركب QRS، وحيث يظهر عدم الانتظام في مركبات QRS والذي يشير إلى عدم انتظام دقات القلب.
هناك حالات لا يكون فيها الرجفان الأذيني دائماً، أي أنه يأتي بشكل نوبات وثم يعاود النظم الجيبي للظهور، في هذه الحالة لابد من رسم مستمر لمخطط قلب كهربائي لمدة طويلة، وهنا يمكن عمل مايسمى بفحص هولتر والذي عبارة عن مخطط قلب كهربائي ثلاثي القنوات على مدى 24 ساعة، وعند تحليل هذا المخطط يمكن قياس تذبذب المسافة بين مركبات QRS المتتالية، وهذا يدل على عدم الانتظام في دقات القلب، ويشير إلى الرجفان الأذيني، هذا بالإضافة إلى تحليل شكل مخطط القلب الكهربائي وملاحظة غياب موجة P ولو على مدى ساعات قليلة من اليوم.
بعد تشخيص الرجفان الأذيني يمكن إجراء فحص تخطيط فوق صوتي للقلب لمعرفة حجم الأذينين، إذ أن الرجفان الأذيني المستمر لفترة طويلة يعمل على توسعة الأذينين، ويقلل فرص نجاح استعادة النظم الجيبي سواءً دوائياً أم كهربائياً، وهكذا يمكن القول أن توسع الأذينين علامة على طول مدة الرجفان الأذيني.
لفحص استجابة سرعة القلب عند مرضى الرجفان الأذيني يمكن إجراء فحص جهد للمريض، حيث يتم تقييم سرعة القلب أثناء الجهد، وما إذا كانت استجابة سرعة النبض ملائمة للجهد المبذول أم أنها مبالِغة بحيث تكون الزيادة في سرعة القلب أكثر بكثير من المتوقع عند جهد ما مما يؤدي إلى الإجهاد السريع.
علاج الرجفان الأذيني
يهدف علاج الرجفان الاذيني الى ما يلي : -
- السيطرة العلاجية على الأعراض الحادة إن وجدت .
- علاج النظم بعملية تقويم النظم أو الاكتفاء بتحديد سرعة القلب.
- علاج الأسباب الكامنة وراء الرجفان الأذيني إن وجدت وعلاج الأحوال المرافقة مثل فرط ضغط الدم أو فرط الكولسترول في الدم.
- الوقاية من المضاعفات الاحتشائية.
علاج الأعراض الحادة
الأعراض الحادة تكون في الغالب ناجمة عن تسرع قلبي، ويتم علاج هذه الحالات بالأدوية المؤثرة على نظم القلب مثل : -
- حاصرات بيتا .
- محصرات قنوات الكالسيوم .
- مركبات الديجيتاليس .
إذا لم يتم تثبيط سرعة القلب بهذه الأدوية، وكانت سرعة القلب عالية بحيث يؤثر ذلك على ضغط الدم ويسبب هبوطاً حاداً لضغط الدم فإنه يمكن الاستعانة بجهاز مزيل الرجفان لتقويم النظم.