التصلب المتعدد Multiple sclerosis

 التصلب المتعدد يدعــى بالتصلب اللويحي والتصلب المنتثر أو التهاب الدماغ والنخاع المنتثر، وهو التهاب ينتج عن تلف الغشاء العازل للعصبونات في الدماغ والحبل الشوكي، يؤدي هذا التلف الى تعطيل قدرة أجزاء من الجهاز العصبي على التواصل، مما يؤدي إلى ظهور عدد من الأعراض والعلامات المرضية، منها أعراض عضوية أو إدراكية عقلية، وقد تكون على هيئة مشاكل نفسية. 

التهاب الدماغ والنخاع المنتثر
التصلب المتعدد

التصلب اللويحي هو مرض مناعي ذاتي شائع يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، ويوجد منه عدة أنواع، وأهمها، التصلب المتعدد الإنتكاسي، والتصلب المتعدد الأساسي، والتصلب المتعدد الثانوي. 

أسباب التصلب المتعدد

إن أسباب التصلب المتعدد غير واضحة إلا أنه يعتقد أن آلية المرض قد تكون إما تلف في الجهاز المناعي أو فشل في الخلايا المصنعة للمايلين [النخاعين]، وتشمل الأسباب المحتملة لهذا المرض ما يلي :-

  • العوامل الوراثية. 
  • العوامل البيئية مثل العدوى. 
  • كما إن العدوى الفيروسية مثل الزكام أو الإنفلونزا أو الالتهاب المعدي المعوي تزيد من إمكانية الإصابة بالمرض. 

ويعتقد أن التصلب المتعدد أحد اضطرابات الأمراض الالتهابية الناتجة عن اضطراب المناعة التي تتطور من تداخل بين العوامل الوراثية للفرد ومسببات بيئية غير معروفة بعد، ويعتقد أن الأضرار تكون، على الأقل في جزء منها، بسبب قيام جهاز المناعة الخاص بالفرد نفسه بمهاجمة الجهاز العصبي. 

أعراض وعلامات التصلب المتعدد

يمكن أن تظهر لدى الشخص المصاب بالتصلب المتعدد أي علامة من العلامات أو الأعراض العصبية، وأكثرها شيوعاً مشاكل الجهاز العصبي الذاتي والمشاكل البصرية والحركية والحسية، وأما الأعراض النوعية فتظهر بحسب مكان الضرر ضمن الجهاز العصبي، وتشمل ما يلي :-

  1. فقدان الحس والتنميل كالوخز أو الخدر. 
  2. ضعف العضلات، والتقلص العضلي، والمنعكسات الشديدة جداً.
  3. صعوبة الحركة، وصعوبة التنسيق الحركي والتوازن [الترنح].
  4. اضطراب الكلام، وصعوبة البلع. 
  5. مشاكل النظر، كالرأرأة والتهاب العصب البصري وازدواج الرؤية. 
  6. الإعياء، والألام الحادة أو المزمنة. 
  7. مشاكل في المثانة كسلسل البول، وكثرة التبول او قلتة. 
  8. مشاكل في الأمعاء مثل الأسهال أو إمساك. 
  9. ظهور صعوبة في التفكير ومشاكل انفعالية مثل الاكتئاب أو المزاج المتقلب. 

ومن الأعراض الخاصة والمميزة للمرض ظهور العلامات التالية :-

  • ظاهرة أوتهوف : وهي تفاقم الأعراض نتيجة التعرض لدرجات حرارة أعلى من المعتادة. 
  • علامة ليرميت : وهو إحساس يشبه مرور تيار كهربائي على طول الظهر عند تحريك الرقبة. 

فسيولوجية التصلب اللويحي

الخصائص الأساسية لمرض التصلب المتعدد هي :-

  1. تشكل الآفات في الجهاز العصبي المركزي والتي تدعى اللويحات. 
  2. التهاب وتدمير غمد الميالين الخاص بالخلايا العصبية. 

تتفاعل تلك الخصائص بطريقة معقدة وغير مفهومة تماماً بعد لتؤدي إلى تحلل نسيج العصب وبالتالي ظهور علامات وأعراض المرض. 

الضرر الناتج من التصلب المتعدد

تظهر الندوب الصلبة، التي تسمى باللويحات أو الآفات، التي تتشكل في الجهاز العصبي، وتؤثر هذه الندوب أكثر ما يكون في المادة البيضاء في العصب البصري وجذع الدماغ والعقد القاعدية والنخاع الشوكي أو المادة البيضاء القريبة من البطينات الجانبية، ووظيفة خلايا المادة البيضاء هي حمل الإشارات بين مناطق المادة الرمادية، حيث يتم إصدارها، وبين باقي الجسم. 

التهاب الدماغ والنخاع المنتثر (التصلب المتعدد) يتضمن فقدان الخلايا الدبقية قليلة التغصن، وهي الخلايا المسئولة عن تشكيل الطبقة الدهنية والحفاظ عليها والمعروفة باسم غلاف الميالين، والتي تساعد الخلايا العصبية على حمل الإشارات الكهربائية، ويؤدي هذا إلى ترقيق أو فقدان الميالين بالكامل، وكلما تقدم المرض، يتحلل المحور العصبي للخلايا العصبية. 

عندما تفقد الميالين، لا تستطيع الخلية العصبية أن تنقل الإشارات الكهربائية بصورة فعالة، وتحدث عملية إصلاح تسمى إعادة الميالين في المراحل المبكرة من المرض، ولكن الخلايا الدبقية قليلة الاستطالات لا تتمكن من إعادة بناء غلاف الميالين الخاص بالخلايا العصبية بصورة كاملة، كما تؤدي الهجمات المتكررة إلى عملية إعادة الميالين أقل فعالية بالتتابع، إلى أن تظهر صفيحة تشبه الندبة حول المِحوار المتضرر، وتكون تلك الندوب هي مصدر الأعراض. 

الإلتهاب

العلامة المميزة للمرض هي الالتهاب، وتحدث العملية الالتهابية بسبب الخلايا التائية، وهي نوع من الخلايا الليمفاوية التي تلعب دوراً هاماً في دفاعات الجسم. 

  • تتمكن الخلايا التائية من الدخول إلى الجسم عبر تمزق في الحاجز الدموي الدماغي. 
  • وتتعرف الخلايا التائية على الميالين باعتباره دخيلاً وتبدأ في مهاجمته. 
  • يبدأ الهجوم على الميالين عمليات التهابية تحفز خلايا مناعية أخرى وإطلاق عوامل أخرى قابلة للذوبان مثل السيتوكينان والأجسام المضادة. 
  • ويتسبب المزيد من كسر الحاجز الدموي الدماغي بحدوث عدد من التأثيرات الضارة الأخرى مثل التورم، وتفعيل البلاعم، وتفعيل أكثر للسيتوكينات والبروتينات المدمرة الأخرى. 

ويمكن أن يقلل الالتهاب من نقل المعلومات ما بين الخلايا العصبية من خلال الطرق التالية :-

  1. عندما تقوم العوامل المذيبة التي تم إطلاقها بإيقاف النقل العصبي في الخلايا السليمة. 
  2. عندما تؤدي تلك العوامل إلى فقدان الميالين أو تزيد من الفقدان، أو قد تؤدي إلى تحلل المحوار تماماً.

الحاجز الدموي الدماغي

هو جزء من جهاز الشعيرات الدموية الذي يمنع دخول الخلايا التائية إلى الجهاز العصبي المركزي، وقد تصبح قابلة لاختراق تلك الأنواع من الخلايا التي تظهر كنتيجة ثانوية للعدوى الفيروسية أو البكتيرية، وبعد أن تعمل على إصلاح نفسها، أي بعد الشفاء من العدوى، قد تبقى الخلايا التائية محاصرة داخل الدماغ. 

تشخيص التهاب الدماغ والنخاع المنتثر

يتم تشخيص مرض التصلب المتعدد بناءً على العلامات والأعراض الموجودة، بالإضافة إلى التصوير الطبي والفحوصات المخبرية الداعمة، وأكثر الأدوات التشخيصية استخداماً هي التصوير العصبي، وتحليل السائل الدماغي الشوكي، والتصوير بالرنين المغناطيسي. 

كما يمكن تشخيص المرض من خلال معايير شوماخر، وهذه المعايير تتضمن وجود ما يلي :-

  1. أعراض سريرية لمشكلة ما في الجهاز العصبي المركزي. 
  2. أدلة على مشاركة منطقتين أو أكثر للجهاز العصبي المركزي. 
  3. أدلة مشاركة المادة البيضاء. 
  4. وجود اثنان أو أكثر من الانتكاسات بحيث تستمر كل منها ≥ 24 ساعة وتنفصل كل منها عن الأخرى بشهر واحد على الأقل. 
  5. التقدم البطيء أو التدريجي للمرض. 
  6. يجب أن يكون عمر المرضى ما بين 10 و50 عامًا وقت الفحص. 
  7. لا يوجد أي تفسير أخر أفضل للأعراض الظاهرة على المريض. 

علاج التصلب المتعدد

علاج التصلب المتعدد يهدف بشكل أساسي إلى إستعادة الأداء الوظيفي بعد الهجمة، ومنع وقوع هجمات جديدة، ومنع الإعاقة. 

الهجمات الحادة

خلال الهجمات العرضية، يتم إستخدام جرعات مرتفعة من الكورتيكوستيرويدات عن طريق الوريد كــ ميثيل بردنيزولون، ويتم استخدام هذه العلاجات على لمدة ثلاثة إلى خمسة أيام. 

العلاجات المعدلة لسير المرض

تختلف العلاجات المعدلة لسير مرض التصلب المتعدد، بإختلاف نوع التصلب المتعدد، كما يلي.  

التصلب المتعدد الانتكاسي : تتم معالجة التصلب المتعدد الانتكاسي من خلال استخدام الأدوية التالية :-

  • إنترفيرون بيتا-1A.
  • إنترفيرون بيتا-1B.
  • جلاتيرامير أسيتات. 
  • ميتوكزانترون. 
  • ناتاليزوماب. 
  • فينغوليمود. 
  • تيريفلونوميد. 
  • ودايميثيل فومارات. 

ويعتبر الإنترفيرون وجلاتيرامير اسيتات الخط العلاجي الأول، ويعتبر ناتاليزوماب، خطاً علاجياً ثانياً، ويعتبر الميتوكزانترون، خطاً علاجياً ثالثاً.

التصلب المتعدد الأساسي : تتم معالجة التصلب المتعدد الأساسي من خلال آزاثيوبرين، ميثوتركسيت، سيكلوفوسفاميد، وزراعة نخاع العظم. 

التصلب المتعدد الثانوي : يتم معالجة التصلب المتعدد الثانوي من خلال استخدام : ميتوكزانترون. 

معالجة الأعراض

تتم معالجة الأعراض الظاهرة والمرافقة لمرض التصلب اللويحي، حسب نوع الأعراض وشدة المرض، وفي حالة ظهور الأعراض التالية تتم المعالجة كما يلي :-

  1. في حالة الحمي، والألم العضلي، والإعياء والصداع يتم استخدام مضادات الالتهابات اللاستيروايدية كالإيبوبروفين. 
  2. في حالة مشاكل المثانة، وسلس البول يتم استخدام :-
    • ديسموبريسين لعلاج البوال الليلي. 
    • كاوكسيبيوتينين. 
    • تولتيرودين الذي يستخدم لعلاج حالات الالحاح البولي. 
  3. في حالة الإمساك يتم تناول الكثير من السوائل، وإستخدام ملينات البراز، كالتحاميل والحقن الشرجية. 
  4. في حالة الأعراض العصبية النفسية يتم استخدام : مضادات الكولين، ومضادات الاكتئاب، والعلاج السلوكي المعرفي. 
  5. في حالة عسر البلع الشديدة، يمكن إدخال الغذاء عن طريق الأنبوب الانفي المعوي. 
  6. في حالة ضعف الانتصاب يتم استخدام سيلدينافيل. 
  7. في حالة الإعياء يتم استخدام : امانتادين، بيمولين، مودافينيل. 
  8. في حالة الألم العصبي يتم استخدام : الكورتيزون، كاربامازيبين أو الفينيتوين. 
  9. في حالة خلل الحس يتم استخدام : اربامازيبين، كلونازيبام، أميتربتيلين. 
  10. في حالة التشنج يتم استخدام : دانترولين، ديازيبام، تيزانيدين. 
  11. في حالة الرأرأة و ازدواجية النظر يتم استخدام أنظمة الرؤية التعويضية والنظارات الطبية. 
  12. في حالة مشاكل وصعوبة المشي يتم استخدام امبيرا. 

وفي بعض الحالات قد تتم المعالجة بواسطة العمليات الجراحية. 

التأهيل العصبي

تتم إعادة التأهيل العصبي بواسطة الطرق العلاجية التالية :-

  • العلاج الفيزيائي. 
  • أمراض النطق واللغة. 
  • العلاج الوظيفي لعلاج والتحكم ببعض الأعراض للإبقاء على نوعية حياة أفضل. 
  • العلاج النفسي، وخصوصاً العلاج السلوكي المعرفي. 

ويتم التأهيل العصبي بالطرق السابقة، من قبل أخصائيين لكل مجال، حيث يكون هناك فرق متخصصة في هذة المجالات، كلاً على حده. 

تعليقات